كيف أنشر روايتي الاولى:

إن كنت بصدد كتابة روايتك الأولى، أو أنك قد فرغت منها بالفعل، فحتما أنت تسعى لبلوغ دور النشر، من أجل نشر عملك الابداعي. الأمر الذي قادك نحو هذا المقال!

إذن، دون إطالة كيف لك أن تنشر عملك الروائي؟

خطوات نشر عملك الروائي:

أولا: أمور تتعلق بالكتابة:

1- الرؤية العامة: 

لابد أن تكون مدركا للغاية من الكتابة ! الأمر لا يتعلق بالفكرة فحسب ولا بالحبكة، بل برؤية عميقة لما ترغب في تحققيه من خلال الكتابة، ما الذي تسعى إليه، ونعني هنا تحديد الأهداف التي تستهدفها روايتك. 

من هم القراء الذين تراهم معنيون بعملك الروائي ؟ 

ما الموضوع الذي تعالجه؟ ما القيمة التي تبتغيها من الكتابة؟ قيمة جمالية بحتة، أم قيمة فنية أم فلسفية أم أخلاقية. 

إن الكاتب الحقيقي لابد أن يلم بكل تفاصيل العمل من حيث الرؤية الشاملة، لأن هذا يساعده على تقييم ذاتي لعمله، وتحديد الخطوات الظقيقة التي يسير عليها من أجل نشر الكتاب. 

2- القراءة:

من المهم قراءة عملك الروائي بعد الفراغ من الكتابة، لأن ها يساعدك على الوقوف على الأخطاء والعثرات والنقائص التي قد تطال نصك الأدبي. 

من أجل القراءة، من المهم التريث قليلا، ابتعد عن روايتك، دعها في الدرج واسترح! 

حاول تهدئة أعصلبك، وممارسة حياتك بشكل عادي بعيدا عن الكتابة. ابتعد أيضا عن القراءة المعمقة حتى لا تقع في فخ المقارنة أو التقليد خاصة إذا تعلق الأمر بكتاب من جنس الرواية. 

إن هذا يساعدك على العودة صافي الذهن نحو روايتك، وقراءتها قراءة حيادية منصفة. يفضل أن يكون ذلك بعد أسبوع إلى شهر أو أكثر بحسب الفترة التي رسمتها من أجل النشر. 

اقرأ روايتك بصوت مرتفع، هذا يبدو أكثر فعالية، لأنك ستصبح قادرا على تمييز الخلل والسقطات بصورة أكبر. 

3-التعديل:

يعد التعديل من أصعب الخطوات التي يمر بها الكتاب عادة، لأنها مهمة ثقيلة، فأن تقرأ روايتك بعين ناقد يجعل الأمر محبطا أحيانا، لأنك تجد نفسك في مهمة كتابة ثانية، هذه الأخيرة أعسر وأكثر تعقيدا لأنها تعتني بالتفاصيل الدقيقة وتستهدف عمق العمل. 

لأجل ذلك يجب على الكاتب الانتباه لجملة من التفاصيل: 

  • الأخطاء النحوية: إن أكثر ما يضعف قيمة الكتاب، وجود أخطاء لغوية أو تركيبية، لأن هذا يشكك في الكاتب ومقدرته على الصياغة، كما أنه يعطي انطباعا مشوشا حول النص. 

وعليه، من المهم مراجعة الكتاب بدقة، ولا بأس بالاستعانة بمدققين مختصين يساعدونك على تدقيق الكتاب باحترافية. 

  • الاطناب: إن تعديل الرواية يشمل بشكل رئيسي التخلص من التفاصيل الزائدة، التي قد تمنح القاريء شعورا بالملل، وعليه فالقراءة المتأنية والفاحصة لعملك تساعدك على حذف أي حشو لا معنى له، وتغيير العبارات وضبط السياق والتأكد من دقة التراكيب، واختيار العبارات الأكثر تعبيرا لما ترغب في قوله.

  • وصف الشخصيات: عند قراءتك للرواية، حاول أن تحرص على مراجعة كافة التفاصيل المتعلقة بالشخصيات. على غرار الملامح، أسلوب الكلام، تفاصيل الحوار، احذر من جعل الشخصيات يتكلمون بلسان واحد، بل احرص على جعلهم محتلفين وفقا لأدوارهم وطبيعتهم. 

  • ايقاع العمل: القراءة المتأنية، تساعدك على الوقوف على أي ثغرات قد تعكر ايقاع العمل، كالإطناب، الكلمات التي توضع في غير محلها مسببة نشازا يربك القراء، افتقار العبارات للأثر المرجو وغيرها من الملاحظات التي تتعلق بموسيقى الرواية الداخلية والخارجية، انها ما يبعث على علاقة الانسجام مع القراء. فاحرص على أن تحدث تناغما سلسا ومدروسا بعناية واحتراف. 

ثانيا: ما قبل النشر:

بعد فراغك من تنقيح وتدقيق عملك الروائي، أنت الآن جاهز من أجل نشر كتابك، لكن هناك طبعا بعض الخطوات التي عليك اتباعها: 

1- تواصل مع النقاد: بعد الانتهاء من الكتابة والتعديل، حان دور إلقاء كتابك بين أيدي النقاد يتلقفونها ليعطوك زبدة الملاحظات. 

برغم أن النقاد يتربصون غالبا بالأعمال الجديدة فور نشرها، إلا أنه يمكن استباق الأحداث وطلب آرائهم وقراءاتهم قبل النشر. 

حاول أن تشارك عملك مع ناقد موثوق يساعدك على الانتباه للأخطاء وكذلك يجهزك ويعدك لتلقي الملاحظات ومن ثم معرفة الردود المناسبة. 

2- ما هدفك من النشر:

يجب أن تطرح هذا السؤال على نفسك! أي نعم، لأنه هكذا فقط ستحدد مسارك الابداعي. 

هل ترغب في الشهرة فحسب؟ أم تسعى لصنع اسم لك في عالم الأدب؟ أم أنك تسعى لكسب المال ..

بدئا دعنا منفق أن عالم الكتابة لا يكسب الكثير من المال، إلا في حالة الشهرة الواسعة، وهو أمر يحتاج للكثير من الجهد والوقت والكثير جدا من الحظ! 

أما ان كنت ترغب في الشهرة، فتأكد أن الأمر يحتاج للمزيد من السعي والصبر، فالتشر وحده لا يجعل منك اسما لامعا. 

في النهاية، اجعل هدفك الأسمى ترك أثر انساني مهم، وبعث معنى، قد يبدو هذا حلما مفرط الرومانسية ! 

لكن في الواقع، إن هذا ما يجعلك ترتكز على قاعدة متينة ومحكمة، وهذا ما يجعل دور النشر يهتمون بما تقدمه، بعيدا عن الممارسات التجارية المجحفة أحيانا.

3- أعد ملخصا لروايتك:

 أنت الآن جاهز للنشر، حددت أهدافك وروايتك، وآن الأوان للبدء بالخطوات العملية، إبدا بتجهيز ملخص لروايتك. لأن هذا ما سيقرأه الناشرون، وليس الرواية كاملة، وإليك ما عليك فعله: 

  1. حدد الخطوط لعريضة للأحداث: وذلك عبر سرد فكرة الرواية الرئيسة، وأهم ما يميز الحبكة الدرامية، وأبرز القضايا التي تعالجها الرواية. 

  2. حاول تلخيص فصول روايتك، عبر سرد أبرز أحداث كل فصل دون أن يتجاوز ذلك ألف كلمة بالنسبة لكل فصل، حاول التركيز على أبرز الأحداث، والمعنى دون إطناب أو إطالة. 

  3. اجعل أسلوبك وجيزا دقيقا وذكيا والأهم مشوقا، من أجل إقناع المسؤولين عن النشر بأولى أعمالك. 

  4. اجعل الملف بنسخة pdf، ولا ترسل العمل كاملا إلا إذا طلب منك، مع الاحتفاظ بالايميلات الرسمية بينكما، وذلك لتجنب أي محاولات سرقة لعملك الأدبي. 

  5. لا مانع من إرسال رسالة تحفيزية تتحدث فيها عن قيمة العمل ووجهة نظرك فيما يخص النشر وتطلعاتك وأهدافك.

4- تأكد من كون العنوان مناسبا:

لا تخلو أي عملية كتابة من تغييرات مستمرة تمس مختلف جوانب العمل، ومن بين ذلك عنوان الرواية نفسه.

إن الكاتب وحين كتابة روايته، يضع عنوانا مبدئيا يلبي تصوراته، لكن هذا لا يعني أن العنوان نهائي، بل يمكن تغييره وهو ما يحدث مع معظم الكتاب خلال سير عملية التأليف.

بعد قراءتك للعمل، قد يخطر ببالك تصورات جديدة فيما يخص العنوان، لا تتردد في تغييره إن رأيت أن العنوان الأول غير مناسب أو مجحف، أذ يعد العنوان واجهة العمل الرئيسية، فاحرص أن تكون جذابة وعميقة ومستحقة.

في هذا السياق، تجدر الإشارة أنه وفي كثير من الأحيان، يرى مسؤول دار النشر أن تغيير العنوان ضروري، وقد يتقدم إليك بجملة من الاقتراحات والتعديلات التي يراها مناسبة أكثر، خاصة وأنه يستهدف أيضا سوقا مالية ومن ثم فهو يسعى لأن يكون العنوان إبداعيا وتجاريا في آن واحد.

 5- إعداد الغلاف:

عتبة أخرى تعتبر من أهم عناصر الرواية، إنها الجسر الذي يصل القاريء بالرّواية، لذا من المهم العناية بالتفاصيل المتعلقة به. 

  • استعن بمصمم محترف: حيث أن ذلك يساعدك على إدراك كل ما يتعلق بالغلاف كالألوان الحجم والأبعاد على نحو أكثر احترافية. 

كما أن المصمم يمكن له أن يقترح الكثير من الرؤى التي يرى أنها مناسبة، ما عليك سوى إطلاعه على تصور عام حول ما تراه يخدم فكرتك، وأهم تفاصيل الرواية، ثم دعه يتلاعب بالمخيلة ليخرج غلافا يلبي النص والفن معا. 

يمكن لك أن تقترح تعديلات، أو تؤكد على شروط معينة، كأن يكون بسيطا، أو رمزيا وما شابه ذلك. 

يمكن لك أيضا أن تستعين بلوحة فنية، وهنا عليك أولا التواصل مع صاحب اللوحة، ثم اعتمادها كواجهة تعرّف بك وبروايتك.

حاول أن تجعل الغلاف عميقا ومناسبا، ولا تستعجل نفسك، كما لا تغفل الجوانب التسويقية لأن لها وزنها بالنسبة لدور النشر. 

في بعض الأحيان، تكون مهمة الغلاف تابعة لمسؤولي النشر، مع الاتفاق معك بطبيعة الحال. 

ثالثا: تفاصيل نشر الكتاب:

1- تواصل مع دور النشر:

من أجل الوصول إلى دور النشر، عليك معرفة بعض الأمور.

أولا، الكثير من دور النشر، ترفض استقبال الأعمال إلا في تواريخ محددة تعلن عنها مسبقا، وذلك بسبب ارتباطاتها المختلفة. 

بعض دور النشر، تطلب مقابلا ماليا، وتكتفي بالتكفل بالطباعة والنشر على حسابك الخاص. في حين تعرض دور أخرى على الكاتب عددا معينا من النسخ مقابل الطباعة، دون أي أرباح أخرى وغيرها من المعاملات. 

وعليه وجب على الكاتب الاحتياط والحذر قبل التعامل، وذلك بقراءة متفحصة لبنود العقد وشروط النشر وغيرها من الأمور الإدارية والقانونية. 

أما ولأجل التواصل معهم، حاول أن ترسل ملخص روايتك عبر الايميل الرسمي لايميل دار النشر، وانتظار الرد. 

بعض دور النشر يتعاملون أيضا عبر رسائل الفيسبوك أو الواتس اب.

لا يحبطك تأخر الرد، لأنه وغالبا يحتاج الأمر لفترة زمنية طويلة نسبيا، قد تفوق الثلاثة أشهر، لكن وإن كنت ترغب في الاستعجال حاول التواصل مع المسؤولين، أو التواصل مع أصدقاء للتوسط لك والتعريف بروايتك وغيرها من الأساليب التي قد تيسر عليك الطريق.

لكن عليك معرفة أن النشر بالنسبة للكتاب المبتدئين ليس بالطريق السهلة، ويحتاج للكثير من السعي والاجتهاد والصبر.

طرق أخرى لنشر كتابك:

إن وجدت صعوبة في نشر مؤلفك عبر دار النشر، أو أحبطك رد بالرفض، لا تقلق، هناك دائما سبل أخرى !

  • النشر الالكتروني : وذلك عبر منصات مهمة على غرار أمازون، أو منصات بيع الكتب الالكترونية الأخرى، التي تتيح لك نشر كتابة مقابل عمولة أو نسبة محددة مسبقا. 

وما عليك حينها سوى إعداد الرواية للنشر الالكتروني عبر العناية بالأبعاد وصيغة الملف وغير ذلك من التفاصيل. 

احرص على حماية حقوق التأليف، واختر منصات آمنة، مع اعتماد طرق الدفع المناسبة لك. 

حاول العمل على ترويج روابط العمل وإنشاء شبكة تسويقية تساعدك على بلوغ أهدافك. 

  • الكتب الجامعة : وهي طريقة أخرى يعتمدها الكُتّاب في أول طريقهم، بحيث يتعاونون وكتاب آخرين من أجل النشر المشترك، لكن غالبا ما تساعد هذه الطريقة كتاب الشعر، والقصص القصيرة والخواطر لصغر أحجامها. 

  • المشاركة في المسابقات الأدبية: بعض المسابقات الأدبية تضع نشر الكتب ضمن قائمة الجوائز، وعليه يسعى بعض الكتاب للمشاركة فيها لاقتناص فرصة لنشر كتبهم ورواياتهم دون مقابل.

رابعا: ماذا بعد؟!

ها قد نشرت روايتك الأولى، أهذا كل ما في الأمر؟ طبعا لا ! 

لا زال الكثير أمامك، إن كنت ترغب في نجاح روايتك عليك البدء غي التسويق لها، إذ وعلى الرغم من حرص دور النشر على الترويج لكتبك دون شك، إلا أنك ملزم أيضا بالتعريف به والمساعدة على انتشاره، لأجل ذلك عليك اتباع خطوات بسيطة 

  • العلاقات: إن الأوساط الثقافية عموما ترتكز على مدى قدرتك على تأسيس علاقات اجتماعية ناجحة، ومدى قدرتك على التعامل والتواصل وتبادل الأحاديث. 

لا تتعجب، الأمرلا يتعلق فحسب بقدرتك على الكتابة والابداع، بل بشكل أكبر على قدرتك على الاحتكاك والتواجد، لأنه وفي حال غيابك عن الدوائر الثقافية، ستنسى كأنك لم تكن ! كما قال درويش حتى وان كان عملك عبقريا. 

يكون ذلك بالتواجد المستمر مع الكتاب، والمثقفين والنقاد، مناقشتهم وتبادل الأفكار معهم، سيساعدهك ذلك على التوصل لأفكار جديدة ملهمة حول التسويق وأيضا حول أهدافك المستقبلية. 

  • استغلال وسائل التواصل: اليوم تكاد تكون وسائل التواصل الاجتماعي، ساحة واسعة من أجل تحقيق الانتسار والشهرة. 

في مجال النشر أيضا لا يكاد يختلف الامر كثيرا، إذ تعد وسائل التواصل منصة مهمة يتم عبرها الترويج للأعمال الروائية والكتب، وذلك عبر نشر اقتباسات من الكتاب لتشويق القراء، إعلان عن موعد النشر، الترويج لغلاف الرواية، نشر قصص دورية حول تقدم عملية التوزيع وأماكن نقاط البيع وغيرها من التفاصيل التي تساعد على التعريف بروايتك والترويج لها.

  • حضور المنتديات الثقافية: من المهم التواجد في النوادي الثقافية، لأجل حضور فعاليات فنية وأدبية، لأن هذا يساعدك على التعرف أكثر على الأدباء والفنانين وبالمقابل تقديم نفسك ككاتب وروائي. 

يمكن أيضا عقد قراءات ومناقشات لعملك الأدبي، هذا سيجعلك كاتبا محترفا ويساهم في التعريف بك أكثر. 

  • تنظيم حفلات توقيع: تعد حفلات التوقيع مناسبة مهمة من أجل لقاء القراء، وتعريفهم بك وبكتابك. 

احرص على اختيار مواعيد مناسبة وأمكنة يسيرة على الحضور، ولا تتردد في الترويج لها والاستعداد لها، أحيانا يعد معرض الكتاب الدولي فرصة مهمة من أجل توقيع نسخ من روايتك. 

بهذا نكون قد فرغنا من مقالنا، وقدمنا خارطة لأجل نشر كتابك، ما عليك الآن سوى السعي لأجل تربع أرفف المكتبات!