تحميل كتاب الوجود والعزاء pdf

لن تنتشلك الفلسفة من الموت، ولن تجمل الوجود! هي فقط ستساعدك على الفهم واستيعاب التفاصيل المبهمة دونما جعلها تكبلك بالشتات الناجم عن المخاوف والقلق من المصائر المبهمة.

إن ما يجعل للحزن قيمة، أن نخرجه من دوائر الأحكام الذاتية والتقوقع فيه ضمن رؤى نفسيه ضيقه إلى دوائر لا متناهية: دوائر لا تحبس الأنفاس لكنها تعيد لها دهشتها الأولى، لحظة التجلّي التي تهز كينونة المرء وتضعه في مواجهة مستمرة مع ذاته، فتخلع عنه المبررات الساذجة والتفسيرات العقيمة وتنزع التأويلات الميتافيزيقية التي تقحمه في رقعة لا تفعل سوى أنه يغتال الكثير من المعاني.

في هذا الكتاب يعيد "سعيد ناشيد" الفلسفة نحو الشارع والأماكن الشعبية، ويمرّغها في الطرقات وأحاديث النسوة، ويقحمها في التفاصيل اليومية للإنسان، إذ عبرها نفكر وعبرها نعيش وإليها ننتمي. هو ينزل بها من عرشها المثالي ويجعلها جزءا من الكيان الإنساني، ولعل الحجر الصحي بعد وباء "كوفيد- 19 " ما لفت انتباه الكاتب ليسلط الضوء على جدوى الفلسفة وكونها عزائنا في الحزن وركننا الأمن، فماذا قد يفعل المرء حين يحرم حقوقه البسيطة؟ وكيف يمسي المألوف العادي حين نسلب وجوده عنوة؟ قد تبدو التساؤلات ساذجة انفعالية، لكنها تضيء الكثير من الأفكار الجوهرية في الحياة الوجودية، وتشرّح مشاهد ضخمة من الأسى لتبقيه ضمن ركن حميمي يستحق أن يعاش، تستثمره الفلسفة زادا يحصنك ويبعث شغفك، هو إذن يهوي بالفلسفة نحو المألوف، ويحلق بالإنسان نحو الفلسفة، وهكذا يخلق موازنة سلسة بين المادي والغيبي، بين الوجود والعدم، بين العالم والأرض والإنسان.

يأتي الكتاب ضمن مجموعة من الكتب التي نشرها " سعيد ناشيد" وتمحورت جلها في الفلسفة والفكر والخطاب النقدي المعاصر، وهو المفكر والفيلسوف الذي عود القارئ على هز أركانه الثابتة ومساءلة معتقداته القبلية والسعي نحو التشكيك الذي قد يساهم في يقين مطلق، ولعل هذا ما جعله يلقى رواجا في الوطن العربي مؤخرا، إذ أنه يصر على إعادة الاعتبار للفلسفة وإعادتها مكانتها التي تستحق، مربكا الكثير من القرّاء بمواضيع أثارت الجدل وطرحت قضايا جوهرية حول الإنسان.