تحميل كتاب حديث الجنود pdf

رواية حديث الجنود لأيمن العتوم ليست فقط رواية تتبع حالة إنسانية بمنتهى العمق من أجل إثارة العاطفة وتنوير الإدراك لتكون لبنة مساهمة في إنقاذ الإنسانية المحاطة بدمار المادية الطاغية على العالم، بل تتعدى ذلك بمراحل، لنجدها تنبش في حوادث قُدر لها النسيان، أو أصبحت عن عمد  أوراق ممزقة يتم دسها في الكتب المغبرة المخفية حتى لا يعثر عليها أحد أو حتى يفكر في الاطلاع عليها، وهذا يوضح بشكل جلي أن الكاتب يسعي لربط السبب الحقيقي لكل النتائج التي نعيشها، وغرس فكرة واحدة في عقل القاريء، من حقنا جميعاً أن نفهم لماذا نعيش في كل تلك الفوضى؟، والمفتاح الرئيسي لحديث الجنود هو "قيمة الكلمة" وإحداث التغيير الحقيقي.

أحدثت رواية حديث الجنود ضجة كبيرة فور صدور أول نسخة منها في الأردن، حيث تم منع نشرها وتوزيعها بحجة أنها تسيء لسمعة الجهات الأمنية للأردن، كونها تفتح أحداثاً كانت طرفاً فيها تلك الأخيرة، حيث كان تحركها سبباُ رئيسياُ في خلق الفوضي وتبعات صعُب صدها.. فهل كان ذلك عن قصد؟.

يعتمد أيمن العتوم في رواية حديث الجنود على ما حدث داخل حرم جامعة اليرموك عام 1986، وما أحدثه قرار رفع رسوم الجامعة، الأمر الذي أثار حفيظة الطلاب واتفقوا جميعاُ للاحتجاج على ذلك القرار الذي لا يصب في أي نهر جاري معروف، وهنا تلاحم الطلاب على اختلاف طبقاتهم ومعتقدهم وانتمائتهم الحزبية في رد فعل غير متوقع بالمرة من أولي القرار.
تحرك الطلاب والاجتماع على كلمة واحدة في التاريخ الإنساني لا يمر مرور الكرام، فالصدام قادم لا محالة لتبدأ المعمعة، وتشهر الأسلحة، وفي تلك المواجهات لا توجد أسلحة مع كلا الطرفين، فهناك طرف لا يملك إلى أحلامه وكلمته الثورة وتعاضده، وطرف آخر مدجج بوسائل الدفاع والهجوم والاستراتيجيات المدروسة، ولكن غالباً ما ينقلب السحر على الساحر ويغلب من حيث لا يدري، الغلبة تلك المرة لم تكن هزيمة نتيجة كر وفر، بل بسبب قرار خاطيء لتنكشف اللعبة برمتها.. وهنا يمكنك أن تكتشف عبقرية قلم أيمن العتوم في وصف الأحداث داخلها وخارجها، وغليان الشعور، وتوهج الأحاسيس، وفوران تنور الحق لتخرج كلمة قوية لا تخشي شيئاً وتناضل من أجل الخلود.

في حديث الجنود ستكتشف دور كل حزب سياسي في الجامعة في تلك الفترة، في رواية حديث الجنود ستلمس أحلام الطالب العربي وتطلعاته، كيف يري وطنه؟، وماذا يحاول أن يقدم له؟، هل كان يناضل من أجل ذلك؟، أم استسلم لليأس؟، ستعرف كيف يتم تشويه المعاني السامية خلال رحلة كان من المفترض أن تكون رحلة فتح آفاق وإطلاق طاقات، واكتشاف إبداع..
في رواية حديث الجنود ستدخل صراع الطالب العربي وما يمارس عليه في الخفاء من أجل تقويض روحه وتحويله من شعله لإعلاء قيمة الحق، إلى رمادا أقصى طموحه أن يكون ضميرا مستترا من أجل محاولة البحث عن نفخة هواء واحدة ليستطيع أن يتنفس مرة أخيرة قبل الموت.. في رواية حديث الجنود لغة رائقة وملحمة فائقة، وتفاصيل تبيح إقامة وطن جديد يقوم على إعلاء قيمة الإنسانية.. ولكن للعتوم رأي آخر في وضع النهايات ..
فإلى أي نهاية سيأخذنا العتوم؟، أقر بأنك ستتحمس كثيراً، وستنصب نفسك بطلاً من أبطال الرواية، ستختار لك اسما وكينونه لمشاركة الأبطال في نضالهم، ستتلذذ بالنقاشات، وتتفاعل مع الخطابات، وتنتشي بالانتصار، وقد تكوّن علاقاتك الخاصة دون أن تدري، فهذا صديقك، وآخر رفيقك، وربما ستجد حبيبتك، لكن ما هو توقعك للنهاية؟، هي ستجد وطنك داخل رواية حديث الجنود، أم سترجع باحثاً عن نفسك في وطنك؟، الإجابة فقدت في آخر حروف كتبها أيمن العتوم في روايته حديث الجنود.