كيف بدأت النسوية؟

 انتشر منذ فترة الافكار النسوية، وأخذت موجة الشعارات المدافعة عن صوت النساء تكتسح مواقع التواصل الاجتماعي، وامتد ذلك إلى الحياة الواقعية.

لكن لا يزال الكثيرون لا يعرفون ركائز الفكر النسوي، ويكتفون بمفاهيم سطحية ارتبطت في مجملها بتصنيف "النساء". 

إذن فهل ما يتم تداوله حول النسوية في كونها حركة تمرد مطلق وتيار معاد للرجل أمر صحيح؟ ما غايتها؟ وما أبرز الأفكار التي نادت بها؟! هذا ما سنحاول التفصيل فيه في مقالنا هذا حول بدايات الحركة النسوية.

بدايات النسوية:

تعرف النسوية feminisme بانها مجموعة من الاراء جاءت كنتيجه لاحتجاج النساء ضد وضعياتهن في المجتمعات المعاصره اين كنا يواجهن ممارسات قهرية شملت جميع اوجه الحياه السياسيه والاجتماعيه والعلميه والدينيه.

ما عليه جاءت فلسفه هذه الحركه لتتصدى لما اسمته الممارسات الذكوريه في حق النساء.

حسب الدراسات يرجع مصطلح نسوية في نهاية الثمانينات وبدايه التسعينات حيث بدأ الوعي النسوي بقضايا المراة وشؤونها المختلفه ويمكن التاكيد في هذا الصدد على ان بداية الحركة النسوية جاءت كرد فعل لمقولات التحليل النفسي الفرويدي حيث تسببت افكار فريد حول المرأة في اثاره الجدل بين المفكرين والمثقفين خاصه النساء، حيث ينظر فرويد للنساء كما يرى الناقد والكاتب تيري ايغلتون على أنهن "سلبيات ونرجسيات ومازوخبات وضميرهن الاخلاقي أضعف مما لدى الرجال".

هذا الأمر الذي دفع النساء لأخذ موقف ثوري ينقض اقوال فرويد ويندد بها.

لكن كيف بدأت النسوية وما أصولها؟ ومن أهم روادها؟ وماذا عن النسوية العربية؟ هل هي حركة مستقلة بفكرها الخاص، ام هي تنحو نحو تابعا تبعية مطلقة؟ 

سنحاول في هذا المقال، التعرض لكافة هذه الأفكار وتحليلها على نحو موجز حتى يتسنى للقاريء العربي أخذ صورة عامة حول مصدر أقوال النسوية وأفكارها وتوجهاتها. 

أصول النسويــّة:

عموماً، يتمُّ تحديد بدايات النسوية في حدود القرن التاسع عشر، مع بداية انتفاضة النساء في أمريكا واوروبا للمطالبة بحقوقهن والتصدي للمارسات القهرية التي كانت تمارس ضدهن، وعلى وجه التحديد، يعد مؤتمر نيويورك الذي أقيم في مدينة سينيكا فولز عام 1848 حول المطالبة بحقوق النساء نقطة تحول في تاريخ النسوية.

يشتهر هذا المؤتمر بكلمة (إيليزَابثْ ستَانْتون) التي أعلنت فيه عن تاريخ جديد للنساء. 

حيث طالب جماعة من النساء، من مفكرات ومثقفات وعاملات ومناضلات سياسيات بالمساواة بين النساء والرجال، في كافة المعاملات والمجالات الحياتية كالظروف الاجتماعية وقوانين العمل والانتخاب، وتسوية أوضاعهن الاقتصادية في العمل وغيرها من المطالب التي ارتكزت على هدم الفوقية الذكورية التي كانت تسيطر على تسيير الأمور آنذاك. 

ترى هؤلاء المناضلات، أن على العالم أن ينظر بعين المساواة بين الرجال والنساء، وأن لا تتم التفرقة بينهم تحت أي حجة، لأن ما روج من أفكار حول ضعف المرأة ونرجسيتها ودونيتها لا يمت للواقع بصلة، وانما جاء ليبرر التعامل الغير عادل من قبل الرجل. 

مع تعاضد النساء حول العالم، خاصة الحركات النسائية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، وارتفاع أصواتهن، أخذت مطالبهن تأخذ طابعا أكثر تنظيما ورسمية - ان صح القول - وأصبح الأمر يتعلق بفكر مؤسساتي يحرك الأهداف وينظم الشعارات ويبني فلسفته الخاصة. 

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وأخذت أفكار وأصوات النسوية تتصاعد نحو مطالب أكثر اتساعا، على غرار فتح مواضيع الحريات فيما يتعلق بالميول الحنسية، والرغبة ومفاهيم اللذة، كما أخذت تطرق مواضيع الأقليات حول العالم، وتدعم أفكار الآخر "المهمش" - أيا كان - ضد أي ممارسات ذكورية أبوية وسلطوية.

أهم رواد الحركة النسوية:

في الواقع، إنه لمن الصعب حصر رواد الحركة النسوية ضمن أسماء معينة، لأن هذا الحراك الثوري الذي انجرف يطالب بحقوق النساء حول العالم عرف مساهمة عدد ضخم من المناضلات حول العالم، نساء من كافة الطبقات ومن شتى المجالات، المهمشات والعاملات في النصانع والمزارعات والشاعرات وسيدات الأعمال، وغيرهن الكثيرات، رغم هذا برزت على الساحة أسماء شكلت أقطابا مهمة انضم تحت جناحها كل من ينادي بالمساواة بين النساء والرجال، وحقوق المرأة في استعادة مكانتها السيادية في المجتمع.

ومن بين أهمهن نذكر:

  • ايليزابث كادي ستانتون.

  • سوزان بانتون.

  • سيمون دي بوفوار.

  • فرجينا وولف.

  • ماري وولستونكرافت.

  • سوجاتا جايبال.

  • إيما جولدمان.

  • فريدا كالو.

  • ناوومي وولف.

رجال تبنوا الشعارات النسوية:

قد يعتقد البعض أن النسوية حركة نسائية بشكل مطلق، في حين أن دور الرجال في تبني قضاياها وأفكارها لا يمكن تجاهله، حيث أبان العديد من الرجال، مفكرين وسياسيين وأدباء وفلاسفة عن إيمان عميق بحقوق النساء على هذه الأرض وسعوا لتحقيق الحرية والعدل والمساواة، وطرحوا ذلك عبر مؤلفاتهم وأفكارهم الفلسفية ونذكر من بينهم:

  • برتراند راسل: يعد الفيلسوف البريطاني برتراند راسل من أبرز الفلاسفة الذين دعموا الفكر النسوي عبر المطالبة بتحقيق المساواة بين النساء والرجال، فيما يخص الحقوق والواجبات، كما نادى في كتاباته بحرية النساء. 

من بين ما طالب به راسل، كان الحديث عن حقوق المرأة في العمل، والتصويت، والتعليم. 

ولقد نشر عام 1929 كتابه الزواج وأخلاقيات الجنس، حيث تطرّق فيه إلى قضايا جوخرية حول النساء والجنس، وما تتعرضن له من ممارسات ذكورية ظالمة، ويرى في هذا الصدد، أن اللاعدل الذي مس النساء يؤثر في المجتمع كافة، إذ يتسبب في تدني المستوى الفكري، وكذلك الاقتصادي معتبرا المرأة قطبا هاما في حركة التقدم. 

كما دعم فكرة النسوية عبر المطالبة بالسماح للنساء باعلاء أصواتهن والدفاع عن قضايهن لأن ذلك يجعلها أكثر حقيقية. 

  • طاغور: يعد الكاتب والفيلسوف الهندي الحائز على جائزة نوبل، من بين أهم الرجال الذين تبنوا الفكر النسوي في الهند، وأثرت مساهماته كثيرا في قضايا المرأة. 

وكثيرا ما أدرج بردنانت طاغور، قضايا النساء في أعماله الابظاعية، حيث ناقش حريات المرأة، وتحدث عن العلاقات الزوجية وما فيها من ممارسات قهرية في حقهن، ككا عرج للعديد من قضايا النساء في المجتمع الهندي، على غرار الزواج القسري، وتعليم النساء وغيرها من الأفكار التي جعلها محورا هاما تبنى عليه رواياته، وأفكاره الفلسفية.

عام 1901، أنشأ طاغور مدرسة خاصة بالبنات، وتميزت بتحقيقها للمساواة بين الذكور والفتيات فيما يخص التعامل والحقوق التعليمية.

لم يتوقف هذا الأمر عند ذلك، بل أقام اتحاد للنساء الهنديات، سعى من خلاله لتوعية النساء بحقوقهن، وأثار قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية وغيرها من القضايا، مم جعله أحد أهم القادة النسويين في بلاد الهند.

  • جون بول سارتر: أحد أشهر الفلاسفة الوجوديين الذين أنصفوا النساء وشددوا على ضرورة تحقيق العدل والمساواة بين الجنسين. 

ولربما تعد كتاباته التي تشابكت وفكر سيمون دي بوفوار من أهم الكتابات التي أثار قضايا النساء بشكل عميق وشمولي. 

سعى سارتر للتأكيد على تحسين وضعية النساء عبر إخراجهن من التصورات الضيقة التي تحصرهن ضمن مواضيع كالجنس والأنوثة، دون إتاحة الفرصة لهن للتعبير عن أفكارهن بحرية.

  • ميشيل فوكو: أحد أهم فلاسفة القرن العشرين، وأحد رواد الفكر الما بعد حداثي، سعى في كتاباته إلى تبيان الفروق التي تتعرض لها النساء، وفصل في ذلك في كتابه ( الجنسانية) الذي طرق عبره قضايا مهمة حول النساء والجنس والتفاعلات الاجتماعية. 

  • مايكل كوهين: سياسي بريطاني وفيلسوف تبنى في مقالاته قضايا المساواة بين الرجال والنساء، وجعلها من بين أهم القضايا التي على الفكر الاجتماعي تناولها عند حديثه عن العدالة الاجتماعية. 

ولقد كان لمساهماته وزن على الساحة الفكرية ودعم بشكل كبير الحركة النسوية في إعلاء صوتها والمطالبة بحقوقها.

أهم الكتابات النسوية:

من الواجب الإشارة إلى نقطة مهمة قبل الشروع في الحديث عن الكتابات النسوية.

إن ما نعنيه حول الكتابات النسوية، هو كل المؤلفات التي عنيت بقضايا الحركة النسوية، وتبنت شعاراتها، وأثارت قضايا تتعلق بحرية المرأة وحقوقها وناظت بالمساواة مع الرجل وكشفت الغطاء عن أالممارسات المضطهدة لهن. 

وهنا لا يجب الخلط بين الأدب النسائي والنسوي، فالأول يحيل إلى المؤلفات التي ألفتها النساء بغض النظر حول ما تحمله من أفكار. 

وبالعودة إلى أهم المؤلفات حول النسوية نورد هنا أبرز العناوين:

  • غرفة تخص المرء وحده: مقالة مطولة للكاتبة "فرجينيا وولف" وهي أديبة انجليزية ومن رواد الفكر النسوي.

وتعد مقالة "غرفة تخص المرء وحده" تجميعة لمحاضرات أقامتهما وولف في كليتان نسائياتين، وعرضت عبرها مجموعة من الأفكار حول حقوق المرأة وما تتعرض له من تضييق يحد قدرتها على الابداع وأحقية التعلم. 

يكاد يعد كتاب (غرفة تخص المرء وحده) دستور الحركة النسوية اليوم، ولعل هذا ما يفسر انتشاره الواسع بعد إعادة تسليط الضوء على القضايا الجوهرية التي عالجها.

  • كتابات آني اورنو: من المهم أن نشير إلى أن الفائزة بجائزة نوبل في آخر نسخة لها، الكاتبة الفرنسية آني اورنو من بين الأديبات المهمات اللواتي عنين بالقضية النسوية وآمن بها إيمانا شديدا.

ولقد تجلى ذلك من خلال مؤلفاتها ورواياتها، التي عدت سردا ذاتيا تطرقت فيه "أورنو" لجملة من المواضيع النسائية وما تعانين منه من مشاعر سلبية. فتناولت قصص العاملات، وموضوع الإجهاض، والجنس والعلاقة مع الرجل. مواضيع أثيرت مجددا على لسان أورنو خاصة بعد فوزها بجائزة نوبل وانتشار كتاباتها حول العالم.

  • اللون الأرجواني: رواية تحي قصة أمة تباع لسيد يسيء إليها ويعاملها بعنف ودونية.

الأمر لا يتعلق بالعبيد فحسب، في هذه الرواية تنقل ''أليس ووكر" تجربة الآلاف من النساء المضطهدات حول العالم ما جعل عملها يعد أحد أشهر الأعمال التي عنيت بالقضية النسوية.

  • الجنس الثاني: مقال مهم للكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار تناولت فيه الصور النمطية للنساء في المجتمعات الذكورية. 

ونادت بضرورة كسر هذه التصورات المغلوطة حول المرأة مع المطالبة بإعلان وجوب تحررها من الهيمنة الذكورية. 

لا يمكن تجاوز كتابات سيمون دي بوفوار إن كنت ترغب في استيعاب أفكار الحركة النسوية.

  • حكاية الأمة: وهي رواية للكاتبة مارغريت أتوود تتطرق فيها للهيمنة الذكورية في حق النساء. 

تتساءل الكاتبة حول ما يمكن للرجل فعله إن سمحنا له بالتمادي؟

تساؤل يحمل أوجها مرعبة لعالم سلطوي وذكوري أستبيحت فيه حقوق النساء عبر سرد العديد من التفاصيل التي تتعرض لها المرأة.

  • الرجال يشرحون لي الأشياء: كتاب ساخر للكاتبة الامريكية "ريبيكا سولنيت" تعرض من خلاله مجموعة المواقف التي تدور بين الرجال والنساء، مسلطة الضوء على رؤية الرجل للأمور، رؤية تعري العديد من الأقنعة وتكشف جملة من الممارسات الذكورية التي تتعرض لها النساء بغرض اخراسهن، حتى عندما يأخذ الأمر بعدا ودودا. 

تحدثت الكاتبة أيضا عن قضايا كالعنف، العلاقات الزوجية وغيرها من المواضيع التي تمثل جوهر القضية النسوية. 

  • النسوية للجميع.. سياسة شغوفة: كتاب مهم لصاحبته الناشطة "بيل هوكس" ويهدف إلى تصحيح الافكار المغلوطة حول النسوية، في كونها حركة معادية للرجال. 

تؤكد الكاتبة في هذا الصدد على أن الحركة النسوية تعني بنشر أفكار تساهم في تطور المجتمعات، حيث عبرت على ضرورة تحقيق المساواة والعدل إن كان هذا العالم يرغب في حياة سوية. فالنسوية نظام يفترض على كل امريء اتباعه ولا يتعلق المرء بالنساء فحسب.

  • رواية اليقظة: رواية تعالج قضايا تتعلق بالمرأة كالأمومة لكن عبر طرق أبعاد ومنظور جديد يعري مشاعر النساء في ظل عالم ذكوري.

النسوية العربية:

حين نتحدث عن النسوية العربية فإننا لا نكاد نختلف كثيرا في المفهوم الذي ينطبق على النسوية العالمية، حيث تعتبر حركة النسوية العربية امتداد للفكر النسوي حول العالم والذي يناشد بالمساواة والعدل في حق النساء والحريات التي تعيد القرار للمرأة فيما يخص توجهاتها وممارساتها. 

إلى جانب الخطابات النسوية العالمية، التي دعت بحق النساء في الانتحابات، وتعزيز دورها في المجتمع الاقتصادي والسياسي، ومنحها الحرية الفكرية وعدم التقليل أو تهميش أدوارها وممارساتها في مختلف مجالات الحياتية.

سعت النسوية العربية لطرق الكثير من القضايا الحساسة التي تعرفها المجتمعات العربية، وواءمت شعاراتها وتنديداتها بحسب الخصوصية الثقافية للمجتمع، حيث أخذت تسلط الضوء على بعض السلوكيات المسكوت عنها والتي تندرج ضمن الممارسات القهرية ضد النساء وتنادي بمراجعة القوانين ومن أبرز القضايا التي أثارتها النسوية العربية:

  • ختان الاناث: تعد من بين أبرز القضايا التي تبنتها الحركة النسوية العربية، حيث حاربن تفشي ظاهرة ختان البنات التي كانت تعرف تفش واسع خاصة في بلاد السودان ومصر وليبيا، وشددن على ضرورة فرض قوانين صارمة تجرم ختان البنات تحت أي ظرف كان. 

وبالفعل، ..

  • زواج القاصرات: من بين الظواهر والقضايا المثارة حول المرأة في الوطن العربي، زواج القاصرات، وفيها يتم تزويج فتيات صغيرات السن لم يتممن بعد سن الرشد، خاصة في منطقة الخليج واليمن والصعيد المصري، وهو أمر اعتبرهن النسويات جريمة لا تغتفر ترتكب في حق طفولتهن، بل وتشوه مسار حياتهن، وفيها أنانية ذكورية طاغية. 

  • الحق في التعليم: تباعا للقضايا المرتبطة بالمرأة، كان التعليم أحد أولويات الحركة النسوية في الوطن العربي. 

ففي السابق كانت تحرم المئات من الفتيات من مزاولة الدراسة أو متابعتها، تحت حجة العادات والتقاليد، وهو الأمر الذي تمت محاربته من قبل العديد من الناشطات العربيات على غرار ..

  •  الحرية الجنسية: في السابق كان الحديث عن الرغبة الجنسية وحرية الاختيار أحد الطابوهات المحرمة في المجتمع العربي، قبل أن تأتي النسوية لتزيح الستار عن ممارسات شنيعة كان يتم عبرها "اغتصاب" النساء تحت بند الزواج، إذ تتم معاملة المراة بوحشية وحيوانية بعيدا عن منحها الحق في الحديث حول الرغبة أو ما يناسبها.

وعليه، أخذن على نطاق واسع تعميم العديد من الأفكار وتصحيح الرؤى المغلوطة ونشر الوعي بين السيدات حول حقوقهن الجنسية.

  • المساواة مع الرجل في العمل: قبل ثورة النساء، لم يكن من الممكن الحديث عن حقوق النساء في العمل، والمساواة.

حيث:

  • حق الانتخاب.

  • قضايا التحرش.

أبرز النسويات العربيات:

  • نوال السعداوي.

  • بنت بندر.

  • زينب الغزالي.

  • هدى الشعراوي.

  • فاطمة المرنيسي.

مآخذ على النسوية العربية:

برغم أن مساهمات الحركة النسوية في الوطن العربي أسهمت بشكل جذري في معالجة العديد من القضايا المصيرية ونشر الوعي بين النساء، واحداث تحولات مهمة في أوضاعهن.

إلا أن بعضا من شعاراتهن ومسالكهن نالت تحفظات واسعة من قبل المجتمع العربي من الرجال والنساء على حد سواء. 

حيث أن البعض حاول تمييع القضايا على نحو لم يفعل سوى الخلط بين القضايا وتشويهها، كما أن الكثير من الناشطات أخذن يثرن قضايا لا تمت للقضايا النسوية الجوهرية بصلة.

على غرار إثارة مواضيع تخص أفكار ومعتقدات شخصية لا ترقى لأن تكون خيارات حاسمة وتوجها فكريا، كالحجاب وممارسات تتعلق بالأمومة وعلاقة النساء بأزواجهن، عبر بث أفكار مسمومة أخلت بالوضع الطبيعي، وتسببت في فوضى عارمة جعلت الحركة النسوية موضع اتهام، خاصة بعد انتشار حالات الخلع وتفشي ظاهرة الحريات بشكل ينافي المعتقد الاسلامي لدى الشعوب العربية، كمحاربة الحجاب، وقضايا الميراث في الاسلام، وغيرها من الأحكام الدينية الثابتة التي لا يجب المساس بها.

وعلى إثر ذلك، توجس البعض حول مدى مصداقية الحركة النسوية، ونواياها، وعما إذا كانت بالفعل قادرة على تحرير المرأة دون هدم ركائز المجتمع الدينية ومعتقداتهم.

النسوية والإسلام:

انتشر كثيرا بين مختلف فئات المجتمع جدلا حول مدى تعارض الفكر النسوي مع الدين الاسلامي، خاصة حين تم محاربة بعض الشرائع الاسلامية على غرار قوانين الميراث والحجاب وغيرها.

في الواقع، أن الاسلام تبنى منذ البدء أفكارا تخدم المرأة وتحميها، وسعى لتأسيس قاعدة وأرضية مجتمعية تعامل عبر النساء بالعدل والاحترام.

حيث فرض شرائع صريحة وواضحة بشأن النساء وحقوقهن، على غرار تشريعات الطلاق، والميراث، وقضايا الرضاعة وغيرها من القضايا التي شملت أبعادا عميقة.

ناهيك عن تحريمه وأد البنات، واعلانه للمساواة بين الرجال والنساء، ليمثل دستورا انسانيا شاملا يكرم النساء على وجه الأرض. 

وقد برزت في العالم العربي أقطاب تبنت النسوية الاسلامية، وسعت من خلال ذلك إلى ارساء مفاهيم واضحة حول حقوق النساء مرتكزة على ماجاء في تعاليم الدين الاسلامي، منددة لكل الممارسات العنيفة التي تتعرض لها المرأة تحت مسمى العادات وتكشف تعارضها مع ما جاء في الدين، محاربة في ذات السياق الممارسات المتطرفة باسم التدين والتي ساهمت في استغلال النساء واستعبادهن.